يا ملاذ الهاربين من لفح هجير الصيف وبردِ الشتاء .. يا كسرة خبز لا تستجدىَ من أيادي الأغنياء ولا تكمم أفواه الفقراء .
إليكِ سيدتي حيثما أنتِ ملكة الوجود.. أيممُ وجهي نحوكِ باحثاً عني لا عنكِ .. أمرُ على شفراتِ الحروفِ كي أستجدي لحظة عبير الأرض التي قبلت أقدامك هنا , عصرتكِ السنونُ العجافُ في ظلام الليل البهيم ..
لكنكِ اليوم ترقبين العالم من بعيد .. فمن سيمسح عنك بقية الدموع ؟ .. ومن سيتلاشى في ذاتك ليجد ذاته ؟
اعذريني .. حين قبلتُ الذل في حين ليس في قواميسكِ سوى همسات العيون .. مضيتُ بعيداً عنكِ حيث أنا لا أطال شموخكِ .. ولستُ آخر المآسي في عالمكِ .. ولستِ أول من قتلتْ ..
لكني ما عدتُ أطيق أنين روحكِ تعصر قلبي .. تهتكُ عرض عقلي .. تمزقني تمزقني أشلاء .. تصيرني رماداً .. حروفاً حبلى بليل المساء .. قصيدة ثكلى ..
ما عدتُ أدري لحظة اللقياء والغياب .. ولا ساعة النشوى والعتاب .. ما عدت أدري لهيب شكوي ولا لذة السفر بين خصلات شعركِ المذبوح ..
تلذذتُ باحتضاركِ بين يدي ذات مغيب .. لكني عدتُ لأفتح قبركِ علني أقبل عينيك إذا ما مضيتِ تبحرين .. عدتُ لأفتح قبري إذا ما نام قاضي المدينة وسقط حبل المشنقة من على عنقي .
يا أول الداخلين بوابة قلبي من دون سلام .. أنا أول الخارجين منه إذا ما اجتمع القوم لقتل عاشق وصلب نبي .
يا ملكة هذا الوجود .. لا الكون نام من فجيع شقوتي ولا النجوم تبسمت ..ألمحكِ خلسة مع خيوط الشمس حين تغيب , وأرقبكِ خفية في ضحكات طفلي ورعشة عينيه إذا ما الفجر لاح .. وأحسبكِ تلمحين خطوي وتتحسسين طرقات باب قلبكِ بحثاً عني .
ستظلين هناك سيدتي ترقبين المساء لتسرقي منه بقية من ضياء وقطرة من روح شاعر بكى هناك ليموت على ليلاه حين أسرتها المدينة .
يا سيدتي سأمضي بعيداً عني وعنكِ لأجدك تغسلين شعركِ في نهر الأصفياء و تحفرين قبركِ وقبري حيث الخلود سيجمعنا .. وحيث اللقاء .
0 التعليقات:
إرسال تعليق