الثلاثاء، 21 يونيو 2011

أشتقت إليكِ يا حبيبتي ..

أشتقت إليكِ يا حبيبتي ..

كانت قصتهما أروع من الخيال .. قصة حب جمع بين قلبين منذ طفولتهما .. لقد أحبا بعض بجنون .. حتى صار يدعى بها وصارت تدعى به .. ألفت ومازن .. باتت قصة حبهما حديث الناس .. وهاهي اليوم تتوج القصة بالخطوبة .. عربون الصدق والوفاء .
- حبيبتي .. ياااااااااه ما أجملك .
قالها وهو يتأمل جمالها الفتان في حب وذهول .. ويده تتحسس قلبه هل ما زال موجوداً أم قفز من بين الضلوع .. كانت تبتسم في خجل ودلال طغت على ملامحها حتى ارتسمت على وجنتيها لوحة عشق .. بينما تسدل رموشها الطويلة إلى الأرض كأنها تبحث عن الكلمات الضائعة من شفتيها .. في الوقت الذي كان قلبها يرقص طرباً لوقع غزله المنثور من عينيه وشفتيه .. رفع ذقنها إليه وصوب عيناه نحو عينيها ثم دارت بينها لحظة صمت وتأمل عشق قبل أن يهمس في أذنها في وله :
- أحبكِ .
سرت قشعريرة في جسدها شملت رأسها حتى بلغت أخمص قدميها .. شعرت معها أن روحه امتزجت في روحها واندمجت همساته في نبضاتها .. فهتفت بلا شعور :
- وأنا أحبك أكثر .
تحسس شعرها الناعم ومرر يده عليه في هدوء وهو ما زال يتأمل عينيها قبل أن يقول :
- سنظل معاً إلى الأبد .. ولن يفرقنا أحد .
رمت إليه بنظرة عتاب وهي تضع سبابتها على شفتيه وهي تقول :
- حبيبي لا تقل الفراق ..
قبل أناملها في لطف وهو يقول :
- أحبكِ .. أحبكِ .. وأموت في حبكِ .
سحبت يدها في خجل وهي تتأمله بابتسامة أصفى من نور القمر .. كانت على يقين حينها أنهما سيظلا معاً .. حقيقة وليس وهم .. علم وليس حلم ..
ولكن من يدري ما هي نهاية هذا الحب سوى من يملك مقاليد الأمور وعنده علم كل شيء !

بعد أيام سافر مازن إلى الأردن ليواصل الدراسة في إحدى جامعات علوم الطاقة النووية .. كم كابد الشوق والحنين وهو في بلاد الغربة بعيداً عن عيني حبيبته .. لقد سافر عنها بجسده لكن روحه وقلبه كانا معها حيثما سارت .. كانت لصيقة أفكاره وخواطره .. وهكذا كانت هي لم تفارقها صورته لحظة واحدة .. لقد أحببته بكل جوارحها وكيانها حتى أنها تخصصت في اللغة الانجليزية التي كان يحبها هو وتخلت عن رغبتها هي في دراسة الطب والذي كان طموحها منذ طفولتها .. وهكذا هو الحب حين يتغلغل في القلوب تتداخل الأرواح وتنصهر النفوس حتى تغدو نفساً واحدة ترخص في سبيلها الرغبات من أجل الآخر ..
وكان سلوتهما أن مازن في السنة الأخيرة في الجامعة وسيتزوجان حال عودته بالشهادة ..
- اشتقت إليكِ يا حبيبتي .
هكذا حملت لهفته وشوقه أسلاك الهاتف وهو يتصل عليها قبل أن يدخل المختبر .. لقد كان يستغل أوقات فراغه في التحدث إليها عبر الهاتف ..
- حبيبي اصبر قليلاً .. لم يتبقى من دراستك إلا القليل .. وسنلتقي عما قريب.
- حبيبتي تأكدي أنك على خاطري في كل لحظاتي وأوقاتي .
- وأنا حبيبي لم ولن أنساك إلى الأبد .
ضحك في مرح قبل أن يقول لها :
- حبيبتي أريد أن أخبرك أني انتهيت من شراء لوازم العرس .
ضحكت وهي تمازحه قائلة :
- أخشى أن لا تتناسب الثياب التي ستشتريها مع مقاسي .. فقد بت بعد سفرك وغيابك أنحف من قبل .
- لا عليك .. غداً حين ترينني ستعودين إلى هيئتك .
وهنا قاطعه أحد زملائه منادياً عليه ضاحكاً :
- هيا أيها العاشق الولهان .. وقت التطبيق في المختبر قد حان .
أنهى مازن المكالمة الهاتفية بقبلة حارة على الهاتف أراد أن تصل إلى أعماق حبيبته ألفت كي تستقر بين جوانحها لتعم بالسلام .
وأنطلق مع زميله نحو المختبر .. وهناك حصل ما لم يكن في الحسبان ولم يخطر على بال أحد .

أصوات الإنذارات تتصاعد من المختبر .. يا إلهي ماذا حدث ؟
للحظات أصاب الجميع الذهول فقد حصل خطأ .. وتسربت إشعاعات نتيجة هذا الخطأ .. وبسرعة تم عزل المختبر ووضع من فيه تحت الحجر الصحي داخل المستشفى التابع للجامعة .. كانوا ثلاثة طلاب ومازن واحداً منهم .. قام الأطباء بحقنهم بمضادات الإشعاعات التي تسربت إليهم .. لكن على ما يبدو أن القدر كان قد دق ناقوس الخطر .. وأشارت النتائج إلى أن الخلايا في أجسامهم قد تسرطنت .. إنه سرطان الدم .
تلقت ألفت الخبر في ذهول فقد صعقها الأمر .. لم تكن تتخيل يوماً أن حبيبها الآن يخضع للعلاج في العناية المركزية .. ليس ذلك فحسب بل ويصارع مرض السرطان الخبيث .. لكنها لم تتزعزع قيد أنملة عن حبه واللهفة إليه رغم طلب أهلها وأهله بفسخ الخطوبة .. إذ كيف تربط حياتها بشخص مريض بمرض مستعصي في نظرهم .. ألفت التي أحبت مازن من طفولتها لم تفكر بهذه الأمور فقد كان أملها بالله كبيراً وكانت على يقين بأنه سيشفى من المرض قريباً وسينهي الدراسة وسيتزوجها كما تواعدا .. وكانت ذات المحاولات لفسخ الخطوبة مع مازن .. ومع ذلك لم يرضخ لضغوط الأهل كما فعلت هي .. كيف لا والأمل يحدوه للشفاء من أجلها هي .. فهي وحدها من يحيا لأجلها .. ويعيش لأجلها العمر كله ..
ذهب أبوه إلى أبيها دون علمه وفسخ الخطبة .. وحين وصل مازن الخبر لم يعش بعدها سوى يومين فقط .. ومات رحمه الله وهو يردد على شفتيه اسمها ويقول :
- اشتقت إليكِ يا حبيبتي .

( قصة مشتركة )
بقلم: فارس الحكيم 
وبفكرة ومساعدة أريج المكان
يوم الاثنين الموافق 20-06-2011 م
الساعة 01:00 بعد منتصف الليل 


0 التعليقات: