الشيخ والخادمة ..
كانت امرأة رائعة الجمال فائقة الوصف لا يعيبها سوى أنها من أسرة فقيرة ومحتقرة من المجتمع .. المجتمع الذي لا يحترم الضعفاء ولا يرحم البسطاء حتى وإن كانوا يستحقون الاحترام والتقدير .. دفعها فقرها الشديد إلى العمل كخادمة في البيوت كما هو الحال في كثير من بنات أسرتها .. غير أنها كانت تفاخر قريباتها بأنها تعمل خادمة في الدار الكبير أو كما كان يسمونه الناس من بني قريتها .. إنه منزل شيخ القرية .. كانت تعمل بنشاط وحيوية كل يوم فهي من تنظف المنزل وهي من تطبخ الطعام وهي من ترعى المواشي وهي من تربي الأطفال .. كانت تعمل بصمت وصبر عجيب .. ورغم كثرة أعمالها لم تتذمر لحظة لأنها أحبت العمل في منزل الشيخ فقد كان يعطف عليها كثيراً ويعاملها بحنان بالغ مما جعلها تشعر بالأمن والاستقرار والطمأنينة ..
وفي ليلة من الليالي وبينما زوجة الشيخ غائبة عن المنزل في زيارة لأهلها حدث ما لم يكن في الحسبان والخاطر .. فقد طرق الشيخ باب غرفتها الصغيرة في الدور الأرضي من المنزل .. نهضت من مكانها تفتح الباب وهي تقول في قلق :
- هل أخدمك بشيء يا سيدي ؟
هز رأسه إيجاباً دون أن ينطق بجواب وهو يشير عليها أن تلحقه .. تبعته في صمت حتى توقف أمام غرفة الجلوس .. صمت لحظة إلى أن قال :
- لم تنظفي الغرفة اليوم بشكل جيد ..
لم تنطق ببنت شفة فهي لم تقل للشيخ " لا " في يوم من الأيام حتى وإن كان مخطئاً .. دخلت إلى الغرفة للتنظيف وإذا به يتبعها .. قال لها :
- سأخبرك أمراً وبدون مقدمات ..
تصببت عرقاً وارتعبت مما سيقول .. تزايدت نبضات قلبها بشكل قوي حتى شعرت أنه سيسمع صوت ضرباته على صدرها .. وبينما هي تتطلع في وجهه بذهول وخوف وفضول .. إذا به يقول لها ببرود شديد :
- أريد أن أتزوجك ..
انعقد لسانها عن الكلام فلم تقوى على الجواب .. إلى أن قالت :
- سيدي أنت شيخ وأنا مجرد خادمة تعمل في منزلك ولا قدر لي ولا وزن عند الناس .. وزوجتك شيخة و......
أشار لها بالصمت فلم تجرؤ على إكمال حديثها .. تأملها للحظات في صمت ثم فجر في وجهها قنبلة لم تكن تتوقعها :
- أنا أحبك ..
فتحت فاها ذعراً لم تكن لتصدق ما يحدث وكأنها في حلم وليست في الواقع .. ومرة أخرى خانتها الكلمات فتحت فمها وأقفلته أكثر من مرة دون كلام .. لاحظ ارتباكها وانفعالها الشديد .. فما كان منه إلا أن أخرج من جيبه مصحفاً صغيراً وفتحه.. استغربت بشدة فتأملته في ذهول بينما وضع يده فى المصحف وهو يحلف :
- أقسم لك بالله العظيم أني أحبك منذ رأيتك .. وأريد أن أتزوجك على كتاب الله وسنة رسوله .. أعاهدك أمام الله أن أخلص في حبك طول العمر ..
- وزوجتك ؟؟
- سيكون زواجنا سراً ولن يعلم به أحد ..
- ولكن ؟
لم ينتظر منها الجواب فقد أتصل بالقاضي والذي حضر على الفور بالشهود وتم الزواج السري على الفور .. والذي لم يعلم به أحد أبداً .. وكانت ليلة غيرت مجرى حياتها تماماً ..
لقد عاشت معه سنوات على هذا الوضع .. المجتمع ينظر إليها أنها خادمة الشيخ في العلن بينما هي زوجته في السر.. أحببته كثيراً بل تعلقت به كتعلق طفلة صغيرة بأبيها .. كان حبها له قوياً وصادقاً لكنه كان حبيس ضلوعها .. كم هو متعب هذا الحب في ظل الصمت والخوف .. كان حظها منه اللحظات التي تكون فيها زوجته غائبة عن المنزل وكانت نادرة تعد بالأشهر أحياناً .. وبدأت الوردة في الذبول لقد كان ذلك قاسياً جداً عليها .. كم نزفت من الدموع كل ليلة على وسادتها التي باتت أنيسة عذابها وشوقها .. لكنها كانت تعيش على أمل اللقاء به في اللحظات النادرة .. وكان يخفف عنها ما تراه من عناية واهتمام بها وما تقرأ في عينيه من كلمات الحب والغزل .. حتى مرت سنوات على هذا الوضع وعندما صارت في الخمسينات من العمر لاحظت جفاءه الشديد لها .. صمتت بل وحاولت أن تتناسى .. لقد عاشت سنوات تأمل كلمة حلوة منه لكنها اليوم ما عادت تسمع منه سوى الشتائم والسباب .. لقد فقدت طعم الحياة والاستمتاع بالنوم الهانئ والهدوء النفسي .. يل لقد فقدت ما كانت تعيش لأجله .. لم تدري هل كان يحبها لجمالها وشبابها فقط وحين ذهب الجمال والشباب ذهب الحب ؟ ! .. كم هو قاس وأناني الرجل الذي يفعل ذلك دون مراعاة لمشاعر المرأة التي وهبته كل شيء في حياتها وأودعته قلبها دون غيره من البشر ..
وفي ذات صباح لم تقم بمهماتها اليومية .. لقد تأخرت عن القيام بعملها ولأول مرة منذ جاءت هذا المنزل .. استغرب أهل المنزل من ذلك وعاد الأطفال يقولون أنها ما زالت نائمة .. طرق الشيخ بابها بنفسه وهو ينادي عليها بصوت عالي لكنها لم ترد عليه جواب ولم تفتح له الباب .. ازداد قلقه وخوفه فأمر بمن يكسر الباب فلعلها مريضة أو ذهبت في نوم عميق .. وما إن أنفتح الباب حتى تراجعوا عن مكانهم من الخوف والرعب .. لقد كانت مشنوقة بحبل في أعلى سقف غرفتها .. صاح الجميع وصرخوا وهم يبكون على خادمتهم المطيعة .. التي ألفوها زمناً طويلاً .. لم يجرؤ أحد على الدخول إلى الغرفة سوى الشيخ الذي ما أن دخل حتى وقعت عيناه على ورقة صغيرة فوق وسادتها .. رفعها قرب عينيه بيد مرتعشة .. كانت فيها كلمات مختصرة " لماذا نسيت العهد الذي بيني وبينك ؟ " .. أنسابت دموعه الغزيرة على خديه وهو يخرج من الغرفة داساً رسالتها في جيبه .. وهو يردد في خفوت شديد وبصوت كالهمس لا يسمعه غيره " العهد .. لقد أضعت العهد وفرطت فيه .. ليرحمك ويرحمني الله تعالى "
وفي ليلة من الليالي وبينما زوجة الشيخ غائبة عن المنزل في زيارة لأهلها حدث ما لم يكن في الحسبان والخاطر .. فقد طرق الشيخ باب غرفتها الصغيرة في الدور الأرضي من المنزل .. نهضت من مكانها تفتح الباب وهي تقول في قلق :
- هل أخدمك بشيء يا سيدي ؟
هز رأسه إيجاباً دون أن ينطق بجواب وهو يشير عليها أن تلحقه .. تبعته في صمت حتى توقف أمام غرفة الجلوس .. صمت لحظة إلى أن قال :
- لم تنظفي الغرفة اليوم بشكل جيد ..
لم تنطق ببنت شفة فهي لم تقل للشيخ " لا " في يوم من الأيام حتى وإن كان مخطئاً .. دخلت إلى الغرفة للتنظيف وإذا به يتبعها .. قال لها :
- سأخبرك أمراً وبدون مقدمات ..
تصببت عرقاً وارتعبت مما سيقول .. تزايدت نبضات قلبها بشكل قوي حتى شعرت أنه سيسمع صوت ضرباته على صدرها .. وبينما هي تتطلع في وجهه بذهول وخوف وفضول .. إذا به يقول لها ببرود شديد :
- أريد أن أتزوجك ..
انعقد لسانها عن الكلام فلم تقوى على الجواب .. إلى أن قالت :
- سيدي أنت شيخ وأنا مجرد خادمة تعمل في منزلك ولا قدر لي ولا وزن عند الناس .. وزوجتك شيخة و......
أشار لها بالصمت فلم تجرؤ على إكمال حديثها .. تأملها للحظات في صمت ثم فجر في وجهها قنبلة لم تكن تتوقعها :
- أنا أحبك ..
فتحت فاها ذعراً لم تكن لتصدق ما يحدث وكأنها في حلم وليست في الواقع .. ومرة أخرى خانتها الكلمات فتحت فمها وأقفلته أكثر من مرة دون كلام .. لاحظ ارتباكها وانفعالها الشديد .. فما كان منه إلا أن أخرج من جيبه مصحفاً صغيراً وفتحه.. استغربت بشدة فتأملته في ذهول بينما وضع يده فى المصحف وهو يحلف :
- أقسم لك بالله العظيم أني أحبك منذ رأيتك .. وأريد أن أتزوجك على كتاب الله وسنة رسوله .. أعاهدك أمام الله أن أخلص في حبك طول العمر ..
- وزوجتك ؟؟
- سيكون زواجنا سراً ولن يعلم به أحد ..
- ولكن ؟
لم ينتظر منها الجواب فقد أتصل بالقاضي والذي حضر على الفور بالشهود وتم الزواج السري على الفور .. والذي لم يعلم به أحد أبداً .. وكانت ليلة غيرت مجرى حياتها تماماً ..
لقد عاشت معه سنوات على هذا الوضع .. المجتمع ينظر إليها أنها خادمة الشيخ في العلن بينما هي زوجته في السر.. أحببته كثيراً بل تعلقت به كتعلق طفلة صغيرة بأبيها .. كان حبها له قوياً وصادقاً لكنه كان حبيس ضلوعها .. كم هو متعب هذا الحب في ظل الصمت والخوف .. كان حظها منه اللحظات التي تكون فيها زوجته غائبة عن المنزل وكانت نادرة تعد بالأشهر أحياناً .. وبدأت الوردة في الذبول لقد كان ذلك قاسياً جداً عليها .. كم نزفت من الدموع كل ليلة على وسادتها التي باتت أنيسة عذابها وشوقها .. لكنها كانت تعيش على أمل اللقاء به في اللحظات النادرة .. وكان يخفف عنها ما تراه من عناية واهتمام بها وما تقرأ في عينيه من كلمات الحب والغزل .. حتى مرت سنوات على هذا الوضع وعندما صارت في الخمسينات من العمر لاحظت جفاءه الشديد لها .. صمتت بل وحاولت أن تتناسى .. لقد عاشت سنوات تأمل كلمة حلوة منه لكنها اليوم ما عادت تسمع منه سوى الشتائم والسباب .. لقد فقدت طعم الحياة والاستمتاع بالنوم الهانئ والهدوء النفسي .. يل لقد فقدت ما كانت تعيش لأجله .. لم تدري هل كان يحبها لجمالها وشبابها فقط وحين ذهب الجمال والشباب ذهب الحب ؟ ! .. كم هو قاس وأناني الرجل الذي يفعل ذلك دون مراعاة لمشاعر المرأة التي وهبته كل شيء في حياتها وأودعته قلبها دون غيره من البشر ..
وفي ذات صباح لم تقم بمهماتها اليومية .. لقد تأخرت عن القيام بعملها ولأول مرة منذ جاءت هذا المنزل .. استغرب أهل المنزل من ذلك وعاد الأطفال يقولون أنها ما زالت نائمة .. طرق الشيخ بابها بنفسه وهو ينادي عليها بصوت عالي لكنها لم ترد عليه جواب ولم تفتح له الباب .. ازداد قلقه وخوفه فأمر بمن يكسر الباب فلعلها مريضة أو ذهبت في نوم عميق .. وما إن أنفتح الباب حتى تراجعوا عن مكانهم من الخوف والرعب .. لقد كانت مشنوقة بحبل في أعلى سقف غرفتها .. صاح الجميع وصرخوا وهم يبكون على خادمتهم المطيعة .. التي ألفوها زمناً طويلاً .. لم يجرؤ أحد على الدخول إلى الغرفة سوى الشيخ الذي ما أن دخل حتى وقعت عيناه على ورقة صغيرة فوق وسادتها .. رفعها قرب عينيه بيد مرتعشة .. كانت فيها كلمات مختصرة " لماذا نسيت العهد الذي بيني وبينك ؟ " .. أنسابت دموعه الغزيرة على خديه وهو يخرج من الغرفة داساً رسالتها في جيبه .. وهو يردد في خفوت شديد وبصوت كالهمس لا يسمعه غيره " العهد .. لقد أضعت العهد وفرطت فيه .. ليرحمك ويرحمني الله تعالى "
يوم الأربعاء الموافق 08-06-2011 م
الساعة 11:00 مساءً
0 التعليقات:
إرسال تعليق