الثلاثاء، 14 يونيو 2011

خطيئة


خطيئة ..

صرخ في وجهها بغضب ونهرها وهو يدفعها بعنف .. عندما اقتربت منه تمد يدها له تريد مصافحته ..
- من أنتِ حتى أصافحكِ أيتها العجوز القذرة ؟ ألا تنظرين إلى حالكِ ؟ لستِ سوى عجوز حقيرة تتكفف الناس وتمد يدها طلباً للصدقة ..
- لم أفعل ما يغضبكَ يا ولدي .. سوى أني أردتُ مصافحتك .
- ولماذا تريدين مصافحتي ؟ وهل تعتقدين أن أمثالي يصافحون أمثالكِ ؟ ألا تنظرين إلى نظافتي وقذارتكِ ؟ أم ألا تنظرين إلى مستواي ومستواك ؟ اغربي عن وجهي قبل أن أصفعكِ أيتها العجوز .. تريدين أن تصافحيني أنا ابن الأكابر ؟
هزت رأسها في انكسار .. وطأطأت إلى الأرض في ذل .. وبينما هو كان يمضي في طريقه مبتعداً عنها شردت بذاكرتها إلى الماضي البعيد قبل عشرين سنة .. في تلك الليلة الداجية حيث وقعت ضحية لأحد الذئاب البشرية والذي كان يعطف عليها ويحنو عليها ولا يبخل عليها من عطاياه وهداياه .. كان يبدو لها أنه أملها الوحيد في الحياة .. لا تدري كيف صدقته حين أخبرها أنه يحبها .. وأنه سيتزوجها وسيغنيها من ذل السؤال وحياة الشارع .. وفي لحظة ضعف استسلمت بين ذراعيه ومكنته من نفسها .. وحين كشفت له عن حملها اختفى من المدينة ولم يعد له أثر .. تركها تعاني الأمرَّين .. مر الفقر ومر الحمل الخاطئ .. وبعد تسعة أشهر لم تدري ماذا تفعل حين ولدت بطفلها .. فكرت أن تقتله وتدفن بموته الفضيحة والعار .. لكنها اهتدت أن تضعه جوار ذلك المنزل الفخم والذي كان لتاجر كبير من تجار المدينة وكان رجلاً عقيماً ويملك من الثراء الكثير .. ودعت طفلها وودعت معه أفراحها وآمالها في الحياة .. وأسعدها أنه صار ابناً لهم .. كان يكفيها من الحياة أنها تراه كل يوم في الشارع وهو ينمو ويكبر يوماً بعد يوم حتى غدا شاباً تهابه الرجال .. لقد كانت تتحرق شوقاً وحنيناً إليه طوال عشرين سنة .. صبرت وتحملت من أجله ليالي الشوق والأرق .. لكنها لم تجرؤ من الاقتراب منه سوى ذلك اليوم .. خشيت أن تموت دون أن تلمس يديه .. أو تسمع كلمة حانية من شفتيه .. ولهذا تجرأت من الاقتراب من ابن الأكابر .. ابنها ..
لكنها لم تحصد سوى العذاب والحسرة والندم .. لأنها زرعت في يوم ما .. خطيئة .



يوم الأربعاء الموافق 25-05-2011 م
الساعة 02:00 بعد منتصف الليل

0 التعليقات: