الثلاثاء، 14 يونيو 2011

صياد البنات .. (قصة من الخيال العلمي )


صياد البنات ..


وأخيراً جاءت إجازتها .. بعد طول انتظار وشوق .. لكم خططت (دلال) ماذا ستفعل خلال إجازتها .. إنها مهووسة نت .. حتى النخاع .. وحين يقفل العام الدراسي وتبدأ الإجازات يكون لحاسوبها الحظ الأوفر من الوقت .. كان جل شغلها هو المسن .. فهي تهوى التعارف وتعشق بناء العلاقات .. إن مسنها ممتلىء بقوائم الأصدقاء ممن تعرف وممن لا تعرف .. إذ لا هم لها في النت غيره .. تفرغ طاقاتها الدفينة فيه فتغدو بيوم أجمل .. وأنشط ..
اليوم .. كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وهي ما زالت تثرثر هنا وهناك .. أتتها دعوة إضافة جديدة .. لفت نظرها طالب الدعوة .. صياد البنات ..
ضحكت من قلبها :
-يا لهذا الأحمق المسكين .. إنه لن يصيد إلا نفسه ..
وكعادتها مع الدعوات قبلت الاضافة لتتعرف على القادم الجديد .. وبادأته بالتحية :
-مساء الخير .
-مساء الخير .


وبدون مقدمات قالت له :

-أضحكني اسمك .. ما سر هذه التسمية أيها الصياد ..
-ههههههههههه لا أعرف لي اسماً آخر غيره .. فأنا بالفعل .. صياد البنات ..
-هههههههههه معي لن تصيد إلا نفسك .
-كلهم قبلك قالوا لي ذلك .. ثم ما لبثوا غير بعيد .. حتى فهموا اسمي.
-إلا أنا .. لن أفهم .
-هههههههه سنرى ذلك قريباً .. لا تستعجلي علي .

كانت الليلة حارة جداً .. فهي ليلة من ليالي الصيف الساخنة .. لكنها فجأة شعرت بالبرد الشديد .. استغربت لذلك كثيراً .. كيف تغير الجو فجأة وما زلنا في فصل الصيف .. لم تجد تفسير منطقي لذلك .. فذهبت إلى دولاب ثيابها وأخرجت منه معطفاً ثقيلاً من لبس الشتاء القارس .. لبسته .. وما زالت تشعر بالبرد وكانها في جزيرة سيبريا .
عادت إلى حاسوبها تحادثه :
-معذرة .. لقد شعرت بالبرد الشديد .. رغم أنه فصل الصيف .
-هههههههههههه كان من الأحرى أن لا تلبسي معطفاً ثقيلاً .
ارتجف فؤادها .. وزادت صوت دقات قلبها وكأنها طرقات على باب صدرها .. بل تصبب العرق غزيراً من كل ذرة في جسمها .. رغم البرد القارس .. تلفتت حواليها في الغرفة .. لم يكن هناك غيرها ..
يا الله .. كيف عرف ذلك ؟ .. حاسوبها لا يحتوي على كام .. ولا يوجد أحد سواها في الغرفة ..
مضت عليها دقائق لتستوعب الحدث .. ثم ضحكت على نفسها رغم خوفها وذعرها .. وقالت في سرها : إنه حديث عابر ..
بعد قليل .. عادت إلى طبيعتها .. تحصل مثل هذه الصدف كثيراً .. - يبدو أنني أرهقت اليوم نفسي .. وقد أحتاج إلى الخلود إلى النوم .
هكذا خاطبت نفسها في أعماقها .. فأرادت إنهاء الحوار .. مسكت أصابعها بمفاتيح الكيبورد .. وقبل أن تكتب حرفاً واحداً .. بادرها هو بالقول :
-تريدين إنهاء الحوار معي والخلود إلى النوم .
صدمت عيناها الكلمات .. ففتحت فاها ذعراً .. وأنطلقت من بين شفتيها شهقة رعب خفيفة .. ما سر هذا الرجل ؟ كيف له أن يفهم أحاسيسها قبل أن تقول ؟ وكيف له أن يرى تصرفاتها من خلف الشاشة ؟ ..
مرة أخرى جاهدت قلقها وخوفها الشديد .. هي لم تكن يوماً أسيرة هواجس .. لكن السهر اليوم بدأ يعبث في تفكيرها .. ولذا صممت على إنهاء الحوار معه فقالت له :
-بالفعل أخي .. أشعر اليوم بالارهاق الشديد على غير عادتي .. ويبدو ان السهر بدأ يعبث في تفكيري وخاطري .. فاسمح لي بأن أراك غداً بإذن الله تعالى .
-لا عليك عزيزتي .. واعذريني على العبث معك ..
-مع السلامة .
-مع السلامة .
أطفأت حاسوبها في ذعر وخوف .. بسرعة على غير العادة كل يوم .. وانطلقت إلى فراشها تبحث عن النوم الضائع بين جفنيها .. كانت تهم بأن تطفىء نور الغرفة من أجل أن تنام .. وقبل أن تلمس زر الكهرباء لتطفئه .. انطفأ لوحده .. يا الله ما الذي يحدث ؟ الخوف الان في أقصى درجاته .. والرعب الشديد يهزها كعيدان نخل يابس .. ما الذي يحصل لها اليوم ؟ إرهاق ؟ أم هلوسة ؟ أم جنون ؟ .. لا تدري غير أن شيئاً طارىء لا تعرفه قد حدث .
ألقت بنفسها بين أحضان سريرها .. وتغطت بما لديها من بطانيات .. تبحث عن النوم الذي لم يأتي وتخشى أن لم يأتي .. وفجأة إذا بالشراشف تنفتح من على وجهها .. وكأن هناك يد خفية كشفت عنها الأغطية .. لم تتمالك نفسها .. فصرخت بأعلى صوتها .. وأنطلقت مثل الطفلة نحو باب غرفتها .. لقد قررت النوم عند أخوانها في الغرفة المجاورة .. لكنها ما كادت تصل إلى باب الغرفة حتى تحرك المقبض من نفسه .. تراجعت مذعورة وهي تصرخ وتبكي .. وفجأة اشتغل النور .. اضيئت الغرفة .. حاولت أن تفتح الباب .. لم ينفتح .. ضربت بيديها عليه بكل ما أوتيت من قوة .. كانت تكيل له آلاف الركلات من رجليها .. لكنه لم ينفتح إطلاقاً .. والأدهى والأمر أنها كانت تصيح وتصيح وتصرخ بأعلى صوتها .. لكنها كانت لا تسمع صياحها وصراخها .. نظرت إلى ساعة الحائط .. تريد أن تعرف كم كان الوقت ؟ .. حتى الساعة اللئيمة كانت تتحرك عقاربها عكس اتجاه الساعة .. وكأن كل قوانين الفيزياء الموجودة في الكون قد تغيرت بشكل مفاجىء وغير معتاد ..
-ما الذي يحصل ؟ ماذا هناك ؟ وهل أنا في حلم أم في علم ؟ و.......
كانت الأسئلة تتقافز إلى عقلها المضطرب في دوامة الخوف والهلع .. ووسط بكاءها .. وصراخها .. ومحاولاتها المجنونة لفتح الباب ..

آآآآآآآآآآآآآآآآه .. واخيراً سمعت طرقات منتظمة على باب غرفتها .. ربما تكون أمها أو أبوها أو أحد أخوانها .. ربما سمعوا صراخها فجاءوا إليها .. ربما جاء الفرج لهذا الخوف الغريب .. كانت تستنجد لكنها لا تسمع صوتها .. يا ترى هل أصابها الصمم ؟ أم أصابها البكم ؟ أم أصابها الجنون ؟ .. لا تدري .. سوى أنها بدأت تباشير الفرج تلوح لها من خلف الباب ..

وانفتح الباب ..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .. رمت نفسها بين أحضانه .. كي تشعر بالدفء والأمان .. وهي ما زالت تنتفض وتبكي وتصرخ .. وتهتف بأعلى صوتها ..
رفعت عيناها المضرجتان بالبكاء والخوف والهلع .. فصرخت وهي ترتجف تريد الابتعاد ولا تستطيع :
-من أنت أيها الغريب ؟ وكيف دخلت إلى هنا ؟
وإذا به يضحك في جنون وهو يمسك بشعرها من الخلف ويقول :
-تريدين معرفة من أكون .. أنا صياد البنات .


بقلمي / فارس الحكيم
يوم الاثنين -02/05/2011 م
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل



0 التعليقات: